قواعد السلامة في استخدام الصغار للإنترنت
ديانا حدّارة
فوجئ السيد أكرم عندما جاءت إليه إحدى الأمهات وقالت له بفخر وسعادة إن شبكة الإنترنت غيّرت الكثير من الأمور في المنزل، فمنذ أن أصبح لديهم اشتراك في الإنترنت لم يعد ابنها يزعجها، فهو يجلس لساعات طويلة إلى الإنترنت مما أتاح لها القيام بالأعمال المنزلية. لا يختلف اثنان على أهمية الإنترنت في حياتنا المعاصرة وتفاعلنا اليومي مع الشبكة، فقد صارت جزءًا من التواصل السريع والمباشر بين الناس في أرجاء المعمورة. فبمجرّد ضغط الزر صار في إمكاننا الحصول على المعلومات التي نريدها أو الاتصال بأشخاص يعيشون في الجزء الآخر من الكرة الأرضية، وتبادل الرسائل خلال دقائق معدودة. وطفل اليوم لديه المهارات الكافية للتفاعل مع الشبكة العنكبوتية، وصار في إمكانه أن ينشئ مدونته الخاصة أو «الفيس بوك» أو إجراء بحث مدرسي أو التواصل مع أصدقائه عبر المحادثة الإلكترونية. وفي المقابل يخشى العديد من الأهل مساوئ هذه الوسيلة وبعضهم يلومها إذا ما تراجع أداء ولدهم المدرسي، بينما يرى الاختصاصيون أن الإنترنت وسيلة ضرورية لا غنى عنها وبالتالي يجب ترشيد هذه الأداة بما يخدم مصلحة الطفل.«لها» التقت رئيس جمعية« فكّر إجتماعيًا» (Think Community) أكرم كرامي، و ماجد عقل، اختصاصي حلول المعلوماتية في شركة «مايكروسوفت في بيروت، اللذين تحدّثا عن كيفية ترشيد الإنترنت ودور الأهل في جعلها وسيلة مفيدة للطفل.
في البداية يقول كرامي: «يمكننا اليوم التحدث عن المواطنة الرقمية،إذ أن استخدام الإنترنت يمتد لفترات طويلة، مما يعني أن تفاعل الفرد مع الشبكة الرقمية أكبر من تفاعله مع العالم الواقعي. وأظهرت الإحصاءات أن معدل الجلوس إلى وسائل الاتصال على اختلافها هو حوالي 40 ساعة أسبوعيًا على الصعيد العالمي. ووضعوا هذا الرقم ضمن تأثير الإعلام، لأنه مثلما للإنترنت تأثير في الأطفال كذلك وسائل الإعلام الأخرى كالتلفزيون. غير أن الإنترنت يمكن التحكّم فيها أكثر، فبضغط الزر يمكن أن أدخل الموقع الذي أريده، بينما على التلفزيون قد تظهر مشاهد خطأ تمر عبر الشاشة. وتشير الإحصاءات إلى أن الإعلام بمختلف وسائله تؤثر في البدانة عند الأطفال فليس الجلوس وحده إلى التلفزيون هو المؤثر، وإنما الترويج والتسويق للأطعمة التي تعرف بالوجبات السريعة وثقافتها هي التي تؤثر في سلوك الأطفال».
- ما الفائدة التي يجنيها التلميذ من الإنترنت، خصوصًا أن بعض التربويين يرون أن مساوئ الإنترنت أكثر من فوائدها؟
أحضرت شبكة الإنترنت العالم إلى البيت وأصبح في متناول التلميذ كل أنواع المعرفة
(أحداث، حضارات، تكنولوجيا). ولم يعد الطفل مجرد متلقٍ، بل أصبح في إمكانه إنتاج محتوى على الإنترنت و التعبير عن نفسه. وما أعنيه التفاعل بالمعنى الإنتاجي للكلمة. إذ يقوم المراهقون بابتكار صفحة المدوّنة الخاصة أي الـ Blogs ليعبّروا من خلالها عن آرائهم وأفكارهم مما يعني أنهم يشاركون في إنتاج محتوى من خلال الصور والتواصل الاجتماعي أو إنشاء فريق عبر الإنترنت ، وهذا لم يكن متاحًا في السابق. ولكن هذا لا ينفي وجود مساوئ لهذا النوع من التواصل، نتيجة غياب رقابة الأهل.
- يرى البعض أن قيام التلميذ ببحث عبر الإنترنت يجعله ينسخ المعلومات فقط دون أن يعرف كيف يصوغها بأسلوبه الخاص. فكيف يمكن تفادي هذه المشكلة؟
الحصول على المعلومة عبر الإنترنت وفّر على التلميذ الجهد والوقت اللذين يتطلبهما البحث في المكتبة الورقية التي تلزمه النظر في مجموعة كتب ليحصل على المعلومة. صحيح أن إمكان نسخ المعلومة وارد، ولكن عندما يعلّم الأستاذ التلميذ المنهجية الصحيحة للحصول على المعلومة عبر الإنترنت، ويطلب منه أن يعطيه 3 أو 4 مراجع على الإنترنت وعدم الثقة بمصدر واحد، وفي الصف يناقشه في المعلومات التي وجدها، ويتأكد أنه اطلع على المعلومة الصحيحة، ويعرف كيف يعرضها،وهذه إجراءات تفاعلية،فإنه يساعده في تعلّم منهج البحث، فالهدف ليس النسخ بل مناقشة المعلومة. لذا ليس تحت ذريعة الـ «Copy- paste» يحرم التلميذ من أداة جديدة للتعلم، توفر عليه الوقت. المشكلة ليست في الإنترنت لكن في الطريقة التي يعتمدها التلميذ في استخدامها. وهذا لا يعني أن نلغي الكتاب، ولكن إذا كان ثمّة وسيلة إضافية تساعد في تحسين المستوى الثقافي عند التلميذ فلمَ لا استعملها.
- في أي سن يسمح للطفل باستخدام الإنترنت؟
يزداد عدد الأطفال الذين يستخدمون الإنترنت في سن صغيرة، أي ما دون العشر سنوات، فبعض المدارس أصبحت تتيح استعمال الإنترنت في المراحل الابتدائية الأولى، ومن الطبيعي أن يعود التلميذ إلى البيت ويستخدم الإنترنت. وعمومًا الطفل ما دون العاشرة لا تكون لديه المهارات الكافية لاستعمال الإنترنت وحده بل غالبًا ما يفعل ذلك بمرافقة شقيقه الأكبر، أو أهله. لذا ننصح الأهل بأن يجلسوا مع أبنائهم أثناء استعمالهم الإنترنت.
- هل يجوز أن يكون للطفل عنوان إلكتروني خاص؟
من الأفضل أن يكون للطفل عنوان إلكتروني مشترك مع أهله، وعندما يصبح في سن كبيرة ويرغب في أن يكون لديه عنوانه الخاص، يمكن مراقبة الرسائل الإلكترونية الواردة باعتماد تقنية استقبالها أيضًا في علبة ورود الرسائل العائلية.
- ما هي القوانين التي يجب اتباعها في المنزل لاستعمال الإنترنت؟
مشاركة الأبناء في ابتكار اتفاق حقوق استعمال الكمبيوتر والإنترنت في المنزل، تساعد في نجاح الاتفاق والالتزام به لأنهم شاركوا في وضعه. أما الاتفاق فيجب أن ينص على الآتي:
تحديد المواقع التي يسمح للأبناء بالدخول إليها وماذا يمكنهم الحصول عليه.
تحديد مدة الجلوس إلى الإنترنت.
ماذا عليهم القيام به عندما يشعرون بالريبة عند ظهور موقع أو شخص فجأة أثناء استعمالهم المحادثة الفورية.
عدم إعطاء أي معلومات شخصية.
كيف يمكن البقاء آمنين في محيط تفاعلي.
كيفية التصرف بشكل أخلاقي ومسؤول أثناء استعمال الإنترنت.
كيفية استعمال المحادثة و«الفيس بوك» وخدمات الرسائل الفورية.
يطبع نص الاتفاق على ورقة توضع إلى جانب كمبيوتر العائلة للتذكير بهذه القوانين أثناء استعمال الكمبيوتر.